أشرت في مقال سابق عن وضع البدون وضرورة النظر في أوضاعهم بحكم أنهم سعوديو المنشأ والإقامة والولاء، وقد اختلفت وجهات النظر حول ما كتبت ما بين مؤيدين على الإطلاق ورافضين يعدونهم مشكلة يجب التخلص منها.
وفي نفس فترة نشر المقال تداول المتوترون هاشتاق يناقش أوضاع البدون والحلول الممكنة، وقد لاحظت أن الكثير يخوض النقاش إما بالعاطفة أو كردة فعل لموقف خاص مع أحد البدون أو موقف لقريب أو صديق، ومن المعلوم بأن العاطفة وردود الأفعال الفردية ليست مقياسا للقضايا العامة ولايمكن توظيفها في حل المشاكل.
ما يجب مراعاته في قضية (مشكلة) البدون هو أوضاعهم الاقتصادية المتردية وصعوبة استفادتهم من الخدمات العامة والتوظيف والعلاج والسفر .. الخ، مع العلم بأن الكثير من السعوديين كاملي الأهلية يعانون من نفس المشكلة فكيف بالمعلقين لاهم سعوديين ولا مقيمين!!.
السعودية مرت وماتزال تمر بمراحل سياسية واقتصادية وثقافية متتابعة أثرت على الحياة ومجرياتها ومنها التجنيس والأعمال الحرة التي كانوا يعملون بها، وبالتالي وقعو ضحية الدولة الحديثة التي لم تجنسهم ليتمكنوا من العيش كمواطنين ولم ترجعهم لبلادهم، ولاهم وجدو لأنفسهم حلول مثل قرار العودة لبلادهم الأصلية أو الهجرة للدول التي تمنح الجنسية بشروط مرنة نوعا ما.
الدولة في بداياتها لم تراع تزايد ظاهرة الهجرة لبلاد الحرمين إلا بعد أن اكتملت أركانها وأصبحت تحكم السيطرة على الوطن والمواطن، قبل تلك الفترة أًهمل النازحين والمتخلفين من موسمي الحج والعمرة حتى كونوا أقليات يصعب المطالبة برحيلهم بعد هذه السنين.
والخلاصة أنهم «قنبلة موقوتة» يجب التعامل معها بحذر دون إهمال كما حدث طوال السنين الماضية، ومحاولة التخلص منهم ضرب من الخيال فعلى سبيل المثال البرماويون لايمكن ارجاعهم لبورما التي تقوم بقتل المسلمين هناك رغبة منها في تهجيرهم والقضاء على الباقين، وكذلك يعيش معنا جزء من قبيلة معروفة من البدون يعانون من نفس المشكلة في دولة الكويت، فلو فكرنا في ترحيلهم فمن يقبل بهم، ومع ذلك فبقائهم دون حل جذري ينذر بقرب الانفجار.
لا أعتقد أن أحداً منا يتخيل نفسه من البدون أو حتى يقبل بمنام يحلم فيه بأنه منهم .. فلماذا نترك إخواننا البدون المسلمين السعوديين (شئنا أم أبينا) الموالين الذين ليس لهم وطن غير السعودية في أوضاع مزرية، بينما نستقدم غير السعودي المسلم وغير المسلم للعمل في السعودية معززا مكرما بإقامة نظامية مع عدم وجود الولاء وهو على أحر من الجمر لتعبئة الرصيد وحزم الحقائب.
الفقر والبطالة والفراغ والإحساس بعدم الانتماء مدعاة لغضبة جماعية (ثورة) أو حتى بداية تكتلات وتخطيط لحلول مستقبلية، هذا إن لم تكن الخطط والتكتلات موجودة بالفعل.
نكزة :
هل من العقل والمنطق انتظار أي فئة من البدون للقيام بالمظاهرات السلمية أو غيرها كما حدث في دولة الكويت؟ وكيف سيكون التعامل معهم حينها؟ أليس البدء في الحلول في وقت الأمن والرخاء أفضل من الهدوء الذي يسبق العاصفة !!.
والله أعلم
https://twitter.com/SultanShehri