‎

تمهيد :

قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: “فإنَّهُ من يعِشْ منكم فسيَرى اختلافًا كثيرًا”. قالها الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
في كل يوم نسمع و نتعرف على أنواع جديدة من طرق الدجل الضارة بالناس .
ولكل منهج ضال -ينشأ حديثا- شرذمته من أصحاب الهوى ومن ذاك من يتتبع كل مشعوذ يفرح به كما يفرح صاحب الحق عمن يعالج بكتاب الله وبكل طريقة صحيحة.

حقيقة السحر :

يجب أن نعلم جميعا أن السحر لايتم إلا بالتقرب للشياطين و كلما كان التقرب أكثر شرطا وإهانة لكتاب الله كان أشد قوة وتأثيرا على الناس بالضرر أو الخديعة.

السحر بين الماضي والحاضر :

للسحر تاريخ قديم ومن ينكر حقيقة السحر فهو من يغالط نفسه وينكر التاريخ وقد يخجل الناس من التحدث بالسحر، وهو حقيقة ذكرها الله في كتابه الكريم وحذر منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم و تكلم عنه جمع غفير من سلف هذه الأمة .
ولاعبرة لكلام الجاهل من الناس في إنكار حقيقته .
وقد كان السحر في الماضي له طرق مختلفة ومتعددة كما الحاضر
فقد عرف قوم فرعون بالسحر وقد كانوا ممن يتعاطون السحر العظيم.
قال تعالى: ( وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)

وقال تعالى : ( فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ)

وكان للسحر أهدافه للضرر بالناس كمن سحر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ)

وسحر عائشة رضى الله عنها

عَنْ عائشة زَوْجِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ” أنَّها أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا ، ثُمَّ إِنَّ عَائِشَةَ مَرِضَتْ ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا سِنْدِيٌّ ، فَقَالَ : إِنَّكِ مَطْبُوبَةٌ ، فَقَالَتْ : مَنْ طَبَّنِي ؟ قَالَ : امْرَأَةٌ مِنْ نَعْتِهَا كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَالَ فِي حَجْرِهَا صَبِيٌّ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : ادْعُوا لِي فُلانَةً لِجَارِيَةٍ لَهَا تَخْدُمُهَا ، فَوَجَدُوهَا فِي بَيْتِ جِيرَانٍ لَهَا ، فِي حَجْرِهَا صَبِيٌّ قَدْ بَالَ ، فَقَالَتْ : حَتَّى أَغْسِلَ بَوْلَ هَذَا الصَّبِيِّ ، فَغَسَلَتْهُ : ثُمَّ جَاءَتْ ، فَقَالَت لَهَا عَائِشَةُ : أَسَحَرْتِينِي ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ ، فَقَالَتْ : لِمَ ؟ قَالَتْ : أَحْبَبْتُ الْعِتْقَ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : واللَّهِ لا تَعْتِقِي أَبَدًا ، فَأَمَرَتِ ابْنَ أَخِيهَا أَنْ يَبِيعَهَا مِنَ الأَعْرَابِ مِمَّنْ يُسِيءُ مَلَكَتَهَا ، ثُمَّ ابْتَعْ بِثَمَنِهَا رَقَبَةً حَتَّى أعْتَقَهَا ، فَفَعَلَتْ ” . قَالَتْ عَمْرَةُ : فَلَبِثَتْ عَائِشَةَ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الزَّمَانِ ، ثُمَّ إِنَّهَا رَأَتْ فِي النَّوْمِ أَنِ اغْتَسِلِي مِنْ ثَلاثِ أَبْؤُرٍ يَمُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا ، فَإِنَّكِ تُشْفَيْنَ ، فَاغْتَسَلَتْ ، فَشُفِيَتْ”.
وكما فعل ابن صياد مع نبينا صلى الله عليه وسلم
فعنَ ابن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ الْحُلُمَ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لابْنِ صَيَّادٍ: تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَرَفَضَهُ وَقَالَ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ. فَقَالَ لَهُ: مَاذَا تَرَى؟ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ. فَقَالَ: اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ. فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ .

و في زمننا هذا تطور السحر بتطور الإنس فكلما تطور الإنس استغل الجن ذلك التطور

فنشأت أسحار مختلفة عن الماضي واستغلت التقنية الحديثة في دعم ذلك كالقنوات الفضائية ومواقع النت والاتصالات الحديثة وغيرها …

أنواع السحر عامة:

ذكرنا سابقا أن السحر على نوعين

من ناحية طرق دخوله للجسم كالمأكول والمشروب والمنثور وغيره

و الهدف منه كالحسد والتفريق بين الزوجين وتعطيل الرزق أو الزواج أو غيره.

هل هناك سحر حلال ؟

من الخطأ تقسيم السحر لسحر شركي وغير شركي فهذا الكلام قد يقدح الريبة في قلوب الناس وخصوصا من يتتبع الرخص ويقع في الحرام كثيرا .
فقد سبق وأن سمعنا بجواز الذهاب للمشعوذ لفك السحر بسحر مثله وكانت الفتوى بجواز ذلك على الإطلاق ولو علم من أفتى كيف يتم السحر وماهي أضراره على الناس والبلد لما أفتى .
والآن ظهر لنا من يفصل بين السحر الحلال والحرام ويقصد أن السحر الذي لايحتوي على شركيات فهو جائز، فيجب العلم أن السحر حرام بكافة طرقه و أنواعه مهما كانت .
وأذكر إحدى ضحايا من أفتى بجواز السحر أنها قالت: نحن لانذبح لغير الله .
وقد كثر المشعوذون هنا بسبب تلك الفتوى بل إن الكثير من أهل هذا البلد المبارك سافروا لهم بعيدا لفك أسحارهم .
والسحر بجملته كفر حتى وإن لم تقع في شركيات لأنك لو تذبح لغير الله فهناك من يذبح و من يرتاده يدعمه وهو لايعلم.
و أغلب الناس يجهل أسرار المشعوذ التي تجعله مهيأً للسحر قبل إتمام أي عمل سحري.

هل سحر الخفة وأعمال السيرك ليست ضارة ؟

هي نوع من أنواع السحر فكيف نجزم أنها ليست ضارة و هي من قبيل سحر التخييل فقد يخيل على أعين الناس ويعمل الساحر أعمالا خطيرة بمهارة دون حدوث أي مكروه له لاشك أن هذا العمل يتسبب في تعلق الناس الخاطئ بهذا العارض لأعمال الخدع .
ومن الأضرار التي قد تحدث هو أن البعض من الحضور قد يتعرض لاعتداء نظرا لتعرضه لسحر التخييل على عينه .
وهذا النوع هو مايستخدم للسرقة أو خطف الفتيات على سبيل المثال.

قصة الأخطبوط (بول) في كأس العالم

في أحد منافسات كأس العالم كانوا يضعون علمين لكل دولة داخل حوض زجاجي فيه أخطبوط صغير، وإذا حط الأخطبوط على علم دولة قبل المباراة فإنها ستفوز وصدقت توقعاته أكثر من مرة .

وقد تكون هذه من أعمال السحر فقد يكون هذا الأخطبوط من الجان، أو قد تلبس به من الجان أو أنه بفعل السحر يتحرك وهو نوع من السحر المبني على استراق السمع وهو مايسمى بالتنجيم .

وانتشر أيضا شاب يتوقع فوز فريق كرة القدم قبل أي مبارة وتصدق توقعاته حيث يكتب توقعه قبيل انطلاق المباراة في ورقة وتوضع في خزانة نقود كبيرة ويقفل عليها، وبعد نهاية المبارة يفتحون الخزانة ويجدون التوقع صحيحا .

وللأسف أن أحدالدعاة صور معه وقال: إنه ليس بساحر، ولايعني أن كل رجل محسوب على أهل الخير والعلم أن يكون عالماً بمثل هذه الطرق والأرجح أنه خُدع كغيره .

وقد يكون وقوفه معه دعما للسحر فيجب سد الذرائع، وترك مايريبه ويريب الناس

قال رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ)).

خاتمة:

افتقدنا كلمة ( لاأعلم ) كثيرا وقد كانت تنسب لكبار علمائنا كالشيخ ابن باز رحمه الله فقد وقعت على كتاب لشيخي ابن مانع بعنوان (مسائل ابن باز )وهو جمع لكل سؤال يطرح عليه رحمه الله مع الجواب، وقد قرأت كلمة لا أعلم كثيرا
ونحن هنا في زمن لانسمع هذه الكلمة كثيرا ومن ذاك تكلم غير المختصين بالسحر مما أثار الشكوك في كثير من الناس وجعل لأصحاب الهوى منبرا.