الكاتب / سلطان علي الشهري
يظل الثواب والعقاب خير منظم لسوق يطغى عليه طمع التجار، فالأسواق السعودية تميل للمنافسة الاحتكارية أكثر منها سوق منافسة كاملة، وبالتالي لابد من تدخل المؤسسة الرسمية في تحديد أسعار السلع الأساسية مثل حليب الأطفال والأرز والقمح ..الخ، فلو ترك الحبل على الغارب ستصل الأسعار لمعدلات مرتفعة خلال الدورة الاقتصادية، وهذا يتسبب مع عناصر اقتصادية أخرى في ارتفاع معدل التضخم، وقد يصل إلى تضخم مفرط بسبب الاضطرابات السياسية الجديدة في الخليج ومصر والعراق، وفي حالة لو انخفض سعر البترول في وقت يشهد انفاقا حكوميا مرتفعا.
المستهلك يقع ضحية تمادي بعض رجال الأعمال في رفع سقف الأسعار من دون مسوغات اقتصادية يستندون عليها، وفي المقابل تراخ سابق لوزارة التجارة وغياب متواصل لجمعية حماية المستهلك – حالياً تنوي تثبيت سعر 100 سلعة استهلاكية في رمضان!! – عن تقييم أداء السوق وربط الأسعار بالعرض والطلب الحقيقي وليس التحكم التام للمستورد وبائع الجملة في وضع الأسعار ورفعها بناءً على رغباتهم ليس لدراسات تسويقية ومالية.
أخيراً قامت وزارة التجارة بتحديد أسعار حليب الأطفال بعد رصد ارتفاع أسعاره في أوقات متتابعة ليصل لأسعار مبالغ فيها دون أسباب منطقية، رغم دعم الوزارة وتذليلها لجميع العوائق الإدارية والتنظيمية التيتحد من استيراد منتجات حليب الأطفال الرضع. وقبل بدء تطبيق القرار رصدت وزارة التجارة قيام بعض منافذ بيع حليب الأطفال برفع الأسعار بنسبة تصل إلى 20 في المائة، الذي يدل على محاولة بعض التجار على استنزاف ما يمكن من دخل المستهلك والمتابعة في موجة ارتفاع الأسعار في حال تقاعست الوزارة عن حملات التفتيش.
وزارة التجارة نجحت جزئياً في لفت أنظار رجال الأعمال في بعض القطاعات التجارية بعد أن بدأت أخيراً في استخدام سياسة العصا، وقد وفرت قبل ذلك لرجال الأعمال بيئة خصبة للتجارة في الداخل وسهلت العمليات التجارية والنقل والتأمين والإقراض. ورغم ما يشوب العمل الإداري من روتين وبيروقراطية، إلا أنها في طور الانكماش في ظل تطور التقنيات، واستقطاب كوادر وطنية مؤهلة للعمل في المؤسسة التنظيمية، وكذلك بمحاولة استقطاب مستثمر أجنبي قد يضفي على السوق روح المنافسة الكاملة بدلاً من المنافسة الاحتكارية التي نعانيها حالياً.
وكما وفرت الحكومة لرجال الأعمال كل الإمكانيات التنظيمية والقروض الحكومية والخاصة، ودعمت بعض المنتجات بتخفيض أسعار المواد الأساسية في التصنيع وبعض الإعفاءات، كذلك المستهلك يحق له المطالبة بحمايته اقتصادياً من سوق يتحكم في أسعاره رجال الأعمال السعوديين. وأعتقد بأنه آن الأوان للسماح للمستثمر الأجنبي للدخول بحرية أكبر في السوق السعودي للمساعدة في تحويله من سوق منافسة احتكارية إلى سوق منافسة كاملة، بعد وضع ضوابط وشروط تخدم رجل الأعمال السعودي والمستثمر الأجنبي وتحمي المستهلك النهائي.
والله أعلم