الكاتب / سلطان علي الشهري
موسم الحج ليس له مثيل، فلا يوجد تجمع بشري يحوي كل هذه الصفات في أيام معدودات، تجتمع فيه كل لغات العالم وأجناسهم وألوانهم وعاداتهم وتقاليدهم وطبقاتهم الاجتماعية والاقتصادية على صعيد واحد، لهم هدف مشترك واحد وهو أداء الركن الخامس بغية مرضاته، راجين رحماه طامعين في رضاه، طالبين العتق من ناره والفوز بجنته جل في علاه.
خدمة حجاج بيت الله تشريف قبل أن تكون تكليفا، يفخر بها كل سعودي ويباهي، تستعد لها أجهزة الدولة دون استثناء، تسخر لها الأموال والأوقات والجهود، يقوم على إدارة موسم الحج وزارة سخرت لها كل الطاقات ونفذت لها كل الخطط الممكنة وتتعاون معها باقي الوزارات.
موسم الحج تستعد له المملكة قبل الموسم بأشهر وتنتهي منه بعد الحج بأشهر، وبينهما أيام لاتزيد عن الخمسة هي الذروة ومنها وفيها يحصل المراد وتدور خلالها رحى المناسك ويتنفس الحجاج الروحانيات بين المشاعر مرورا بالبيت العتيق وتتعلق القلوب والأرواح بخالقها مابين الإحساس بنفحات الرحمة والدعاء بقبول الأعمال وحسن الختام.
ومن فضل الله أن الدولة تولي هذا الموسم وهذه البقاع عناية فائقة، ففي كل سنة تقام مشاريع جديدة وتختتم مشاريع سابقة، وصيانة المشاعر والمرافق مستمرة بلا هوادة ولا انقطاع، ويوازي ذلك تحسن في الخدمات وتطور في المرافق وتجدد في البنية التحتية.
إلا أن نجاح الموسم يحتاج لقياس حقيقي يقارن بين الكم والكيف، بين الواقع والمأمول، بين المخطط له والفعلي، بين التكلفة المادية والجودة الحقيقية!! وهذا لا يحصل إلا بتفعيل مبدأ الشفافية المقرونة بمكافأة المخلصين ومعاقبة المسيئين.
تحسنت الكثير من الخدمات وبقي بعضها يحتاج لمن يجد الحل والمخرج، تلاشت بعض الزحمات في مواقع كثيرة وبقي بعضها في موقع أهم وهي الأخرى تحتاج لمن يحزم في بعض الأمور!، تطور الكثير من الطرق والممرات وبقي أن تعالج المنسية منها وسط زخم المواكب والحملات، قلت الحرائق وحوادث الدهس والاختناقات وبقي أن نعالج المشاكل المصاحبة للسيول والأمطار… الخ.
الإعلام الداخلي دائما يبرز الإنجازات والمشاهد المميزة ويغفل واجبة في النقد وإيصال أصوات ضيوف الرحمن، بينما يوجد إعلام أخر خارجي مابين محايد ومعادي يركز على الهفوات والزلات ومنظار الزحمات وصور الحرائق والوفيات وينقل أكثر المناطق المتضررة بفعل السيول والتقلبات الجوية.
والحل – كما أسلفت – بتفعيل الشفافية منذ بداية التجهيزات لموسم الحج وحتى مغادرة أخر حملة داخلية أو خارجية، وهنا يجب أن يكون الإعلام الداخلي الرسمي وغير الرسمي محايدا فينقل الصورة الواقعية بمهنية عالية عبر وسائله المختلفة لتصل الحقيقة للمسؤولين أصحاب القرار، وهذا يساعدهم في اتخاذ القرارات المستقبلة الصحيحة لتحسين كل الخدمات وتسهيل العوائق التي يعاني منها الحجاج.
وكي تثمر الجهود المخلصة وتستمر فلابد من مكافأة كل العاملين المخلصين، ولكي تنخفض المشاكل وتنتهي بعض المعوقات التراكمية فلابد من محاسبة المقصر والمتقاعس والمسيء.
والله أعلم