النقد والتصحيح هما وجهان لعملة واحدة لايمكن أن ينفصلا، ومن هذا المبدأ تنطلق قوافل النقد ابتداءً بأنواع الإعلام التقليدي وصولاً للإعلام الجديد، وتختلف صور النقد وسبل التصحيح مابين الصحافة و برامج التلفاز، إلا أن الإعلام الجديد أخذ حظاً وافراً من الاهتمام، ولم يبق للصحافة والتلفاز إلا مساحة قليلة تختلف كبر هذه المساحة مابين شرائح المجتمع المختلفة.
ومما لاشك فيه بأن الرسالة أمانة .. ولكن الكثير ضيعوا أمانتهم باستبدال رسالتهم بالبحث عن الشهرة وزيادة أرصدة البنوك، وهما الآن المحفز للبحث عن موضوع النقد وماهية المحاور المطروحة وكيفية التقديم لها، بدلاً من البحث عن حلول للمشكلة المطروحة والسعي للبناء والإصلاح . فالمفترض أن الكتاب يستحضر فكرته أمامه وهو يكتب، ويبدأ بطرح موضوعه ومن ثم الوصول للحلول الممكنة التي يراها مناسبة، وكذلك معد البرنامج فهو يستخدم نفس الاسلوب وقد يحدث مشاركة من المقدم والمخرج للوصول للفكرة الموحدة التي تمثل رأي الجميع بما فيهم القناة التلفزيونية.
يعيب أي مقال أو برنامج أن يكون مجرد ترديد لواقع معروف وملموس ولو خفي على البعض فهو معروف للكثير ويعرفه المسؤول، وأي قارئ للصحف المحلية يجد زخماً من الأخبار والمقالات فيها الغث والسمين، وهي كفيلة بإيصال الأطروحات الجديدة والمشاكل التي لم تصل للمسؤول الصغير لتصل للمسؤول الأكبر .
وعند الحديث عن البرامج التلفزيونية العقيمة فما عليك إلا أن تبدأ بمراجعة شريط ذاكرتك للبحث في تلك البرامج عن الداء والدواء، فالداء معروف ولكننا ننتظر الدواء منها، أيضاً عليك بمراجعة شخصيات ضيوف البرنامج فالكثير من البرامج تستضيف المشاهير وبعض المثقفين بانتقائية عجيبة، وتستضيف كل من يشار له بالبنان ومنهم رجل الأعمال وإن قلت مسؤوليته الاجتماعية وتستضيف اللاعب المشهور وإن قل خلقه وتستضيف الكاتب المعروف وإن قل دينه وتستضيف المسؤول وإن قل عطاءه وتستضيف الداعية المشهور وإن قل نفعه.
برنامج داوود الشريان «الثامنة» من أقوى البرامج من حيث أهمية الموضوع وقوة الطرح وأهمية الضيوف ويحظى بمتابعة ومناقشة على نطاق واسع، إلا أنه ككثير من البرامج الأخرى من حيث قلة الفائدة المرجوة، فلم نسمع ولم نشاهد تصحيحات أو حلول لما تم طرحه في ثنايا حلقات البرنامج إلا حادثة أو حادثتين بسيطتين، بينما في الطرف الأخر من الإعلام التقليدي نقرأ في بعض الصحف الورقية والإلكترونية بين الحين والأخر خبر مفاده استجابة لما طرح في هذه الصحيفة فقد قامت الجهة المعنية بتصحيح وضع المشكلة وحلها جذرياً، وقد قرأنا مراراً استجابات كريمة من بعض المسؤولين الكبار لعلاج بعض الحالات الصعبة، وقرأنا مراراً أيضاً تبني بعض المسؤولين والتجار وأهل الخير بالتكفل في سداد ديون بعض المعسرين من الأيتام والأرامل أو حتى المشاركة في الديات.
أعتقد أن برنامج الشريان حظي بدعم شبه رسمي بعد أن تبين أن البرنامج له انتشار واسع ويتحدث عنه القاصي والداني وهو متنفس للشعب يخفف من الاحتقان المصاحب للمشاكل الأزلية، حتى أن الدعم وصل لقبول الدعوات من قبل وزراء حقائبهم الوزارية تعج بأنواع المشاكل والأمراض وحوادث المعلمات ولكنها خاوية من الأدوية والحلول.
نكزة : وزير الصحة “أتحدى من يحضر لي حرفا واحدا يثبت أنني ألغيت التأمين الصحي” .. والكاتب الأحيدب ” يعلم الجميع أن التجميد وحتى الإلغاء عندنا لا يحتاج إلى حرف!!، كل ما يحتاج هو وضع الملف المرغوب تجميده أو إلغاؤه في (درج) وإغلاق ذلك الدرج” .. أين برنامج الثامنة أو لقاء الجمعة أو غيرهما من هذا التحدى المكشوف!!!
والله أعلم