قد يختلف بعض علماء الدين فيما بينهم عند المقارنة الدينية بين دولتين مثل إيران وإسرائيل أو قل المجوس والصهاينة، مع العلم بوجود قواسم مشتركة كثيرة تتضح عند التدقيق في طقوسهم الدينية وبعض عقائدهم، لكن السياسيين المتمرسين لا يختلفون في وجود التشابه السياسي بينهما، فهل هذا التشابه والقواسم المشتركة الكثيرة تدل على أن المنهجية والوحشية هي نفسها لدى هاتين المعضلتين؟.
ولعلي هنا أسرد بعض نقاط التشابه في الطقوس الدينية والعقائدية بين اليهود والشيعة فمثلاً يتشابهون في تعطيل العقل والمنطقية (المقيدة)، والتسليم وإدعاء العصمة للحاخام وفي المقابل للفقيه والإمام، والحاخامات يعلمون الملائكة الدين والأئمة كذلك، وفي نظرهم أن رجال الدين أفضل من الملائكة، والشريعة كلام الحاخامات وكلام الأئمة والمراجع، و الرد على الحاخام كالرد على الله سبحانه وفي المقابل الرد على الإمام أو الفقيه كالرد على الله سبحانه، والحاخامات أعلى مرتبة من الأنبياء والأئمة كذلك، والتقية وعقيدة الرجعة موجودة عند الطرفين }سبحانك هذا بهتان عظيم{.
وعند الحديث عن التشابه أو القواسم المشتركة فحدث ولا حرج وسوف تشم الرائحة النتنة من أول السطور، فإيران لديها الأصوليين والإصلاحيين وإسرائيل لديها اليمين المتطرف واليسار،وهما قطبان متشابهان لدرجة كبيرة في التفكير والمنهجية والحراك السياسي والديني، وقد تواطأ اليهود والشيعة في احتلال بلاد المسلمين السنة في منطقة الهلال الخصيب من طرفيه وبقي الوسط تحت السيطرة الغير مباشرة، وعرف عنهما صفة الكذب ولو سمي بغير اسمه (التقية) فهما أكذب أهل الأرض،ولا يخفى الجميع من أنهما سرطان سريع الانتشار ففي فلسطين لم تُبق إسرائيل إلا القليل للمسلمين واحتلت الجولان وتركت جنوب لبنان بإرادتها ولو أن لها مصلحة فيه في ذلك الوقت لما تركته وسوف تعود لاحتلاله بكل سهولة لو رأت ذلك، وإيران احتلت الجزر الإماراتية وقد سيطرت على العراق سيطرة خفية سياسياً وعلانية دينياً، وهاهي آتية بخيلها ورجلها وأسلحتها النووية وصواريخها عابرة القارات لاحتلال البحرين والكويت والخليج من بعدها(حلم إيراني) ولن تتمكن بإذن الله من ذلك.
أما قصص الإبادة والتنكيل والاغتيالات فهما مضرب للمثل في هذا الباب، ولا داعي للتفصيل فما الكاتب بأعلم من القارئ لأننا جميعاً نشاهد منذ الصغر على شاشات التلفاز وجميع وسائل الإعلام ما تفعله إسرائيل في الشعب الفلسطيني، وما تقوم به إيران ضد المعارضين في الأحواز العربية وما كان يقوم به الخميني من أوامر بالقتل الجماعي والتصفيات للمعارضين السياسيين حتى المعارضين الدينيين وهذا دليل على وحدة المنهجية لدى الطرفين.
إيران وأبنائها من النصيريين وحزب الله منذ عقود سابقة وهم يهددون ويتوعدون بمهاجمة إسرائيل تارة بزعمهم للدفاع عن القضية الفلسطينية وتارة للدفاع عن أنفسهم واستعادة أراضيهم كما في لبنان سابقاً وسوريا، ولكن ما سلمه حافظ الأسد لإسرائيل مقابل المنصب لا يؤكد بل وينفي جدية هذه الشعارات الخداعة والتي انجلت مع بداية الأزمة السورية، فهبت لها إيران وحزب الله وإسرائيل للدفاع بالمال والرجال والعتاد حتى لا يسقط نظام بشار الأسد البائد، لا لوجود مصالح اقتصادية فقط بل لوجود رابط أقوى بينهم وهو العداء الواضح للإسلام السني حيث أنه يمثل لهم المارد النائم الذي يعملون على القضاء عليه قبل استيقاظه ، فهل انقلبت العداوة المعلنة إلى صداقة فجأة أم أن الصداقة والمصالح المشتركة نشأت منذ عهود قديمة ونحن كنا ومازلنا مشغولين بأمور أخرى.
بكل تأكيد هم متحدون معنوياً ومادياً سراً وعلانية ضد المسلمين السنة والدليل أن إسرائيل تغتال السنة في فلسطين ولبنان ولا تفكر في اغتيال رموز الشيعة في لبنان أمثال النمرود حسن نصر الله والهالك محمد حسين فضل الله وغيرهما، ومن المعلوم أن لدى إسرائيل عملاء كثر في لبنان وغيرها يستطيعون اغتيال أي لبناني بدون جهد يذكر وذلك لضعف الاستخبارات اللبنانية ولوجود معارضين في الداخل والخارج ووجود كتل سياسية كثيرة لها ولاءات خارجية وليس للبنان الوطن وبالتالي فلا نستطيع أن نقول هنالك شي في لبنان لا يمكن فعله.
والسنون العجاف تمر على الشعب اللبناني إلا أنها برداً وسلاماً على حزب الله وحتى في الحرب الأخيرة على لبنان كانت الضربات تحصد الأموال والأنفس في معظم مناطق لبنان إلا مناطق الشيعة وحزبهم البائس وهم سبب الحرب أساساً (ذريعة الحرب)، وفي المقابل لم تفتأ إسرائيل من تجنيد بعض الفلسطينيين (الخونة) ، حتى تمكنت من اغتيال الكثير من رموز الجهاد الفلسطيني والسياسيين والعلماء رحمهم الله جميعاً، وعلى النقيض من ما لم تفعله في مناطق الشيعة وحزب الله في لبنان، فقد فعلت في فلسطين كل محرم في جميع الأديان وكل ممنوع ومستهجن في جميع الأعراف الدولية.
والله أعلم